الناقد السينمائي كائن تأويلي
I
على افتراض ان الناقد هو ذلك الذي يعنى بالتأويل ... فأن مساحةالتأويل هذه ستتسع باتساع الوظيفة المباشرة التي يراد منها فهم العملية النقدية في كينونتها المجردة . واقعيا نحن امام تتابع في وعي الناقد ومسؤوليته فهو كائن تأويلي او مؤول وهو كائن شارح كما ذهبنا في عمود سابق لكن مايعنينا هنا هو ان نؤسس لتلك الوظيفة المفترضة المجهولة التي يمارسها الناقد باعتبارها من لوازم الفيلم وامتدادا لكينونته المجهولة التي يراد اعادة انتاجها بواسطة هذا التأويل ومساحته المفتوحة .
ومهما ذهبنا في استقصاء وظيفة الناقد المجردة فأن فعل التأويل سيطغى على مهمة الناقد .
الكم الهائل من الرموز والدلالات والمعاني المضمرة ومواجهة مدارس النقد والمدارس الجمالية في فن الفيلم كل هذه تفرض على الناقد ان يمضي في مسار التأويل قدما فيقدم وظيفة موازية قائمة على رسم ملامح الفكرة التي يريد ايصالها .
لكن السؤال الذي يمكن ان يطرح هنا هو اين هي مساحة التأويل وما حدود فعل التأويل ؟ وما المسار الذي يتخذه الناقد كي يفي بالغرض ويصبح ناقدا مؤولا ناجحا ؟
وعلى افتراض ان من وظائف الناقد ان يكون تأويليا فأن ثمة اشكالية تتعلق بالأدوات التي يفترض ان يتخذها الناقد المؤول هذه المرة ... انها واقعيا كينونة افتراضية تتسع باتساع الفكرة المجردة الى معطيات شتى حتى تصدق مقولة ان الناقد ما هو الا كائن مؤول يؤدي دورا في قراءة وتأويل الصورة في امانة وموضوعية.
II
ربما بدت هذه الوظيفة اشد ارباكا وتعقيدا في الظاهر من جهة عدم وضوح الوظيفة التأويلية وبقائها مجرد فعل لتوضيح او تفسير المضامين الصورية .
ولعله من المهم الأشارة الى ان الناقد في دوره المجرد يبدو ظاهريا انه مطالب بأيصال فكرة محددة ومجردة تتعلق بالتأويل الذي تدل عليه الصورة ... لكن وبموازاة ذلك هنالك تتابع في الوعي بوظيفة الناقد في كونه معني بوظيفة اجمالية يتدرج من خلالها الى قراءة الصورة والى تأويل الموضوع والحدث والصراع وبنياته الداخلية وتتبع البنى السردية من دون الأتجاه الى جوهر فكرة التأويل ذاتها . كما انه من المفيد هنا النظر الى فكرة مؤداها ان مسألة الناقد المؤول هي ابسط في الظاهر من الكينونة المجردة التي يراد بها ان تتكامل الصورة ، فهو مطالب هنا بتبسيط الصورة من جهة تفكيكها وأحالتها جماليا وفكريا الى احالات تختصر المسافة الى الصورة ذاتها .لقد قدمت المدارس النقدية تنوعا كثيفا في اطار الأشتغال على منظومات ( المعنى والتلقي والدال والمدلول والبنى السردية والقارئ المجرد والقارئ الضمني ).... وكثير جدا مما يمكن تأشيره والحديث عنه من زاوية ما تحركه مقولة التأويل في الوعي المجرد من احالات معمقة . من هنا وجدنا ان فعل التأويل الذي يرتكز عليه الناقد سيتشعب من جهة الأجابة عن اسئلة الوظيفة النقدية وانتمائها وجذورها وهي وظيفة تجريدية هنا بسبب عدم اتضاح الآ لية التي يتحرك بموجبها الناقد المؤول ... فهذا الناقد المجدد المندمج بمعطيات مدارس مابعد الحداثة يقف متسائلا عن الوظيفة المركبة التي يفترض ان يعبر عنها ويخوض غمارها ومابين النظرتين ثمة فاصلة شاسعة .
III
واذا ما خرجنا من جوناثان كلر في توصيفه لآلية التلقي ومن لنتفلت في احالته للقارئ الضمني ومتون القراءة التأويلية ومن باختين في تدرجه باتجاه البنى الحكائية فأننا امام سؤال تغريبي ربما ، سؤال يتعلق بالكيفية التي يتم بموجبها التحول من المتن المجرد القائم على المعنى والوظيفة الى معان متوازية تتعلق هذه المرة بأدوات التأويل غي المكتملة لدى ناقد الصورة لكونه ناقد مهيأ لوظيفة اخرى غير مباشرة كما هي الحال في المشهد النقدي في تراتبه واعتماده على تراكم منجز المدرسة النقدية . لكن مايلفت النظر حقا في هذا الباب هو مالجأ اليه رولان بارت في قراءته التأويلية لرموز الرائد السينمائي المعروف على نطاق عالمي انه احد اهم رواد الفن السابع المؤسسين وهو ايزنشتاين ، فهو اذ يتفاعل مع بنية الصورة لدى ايزنشتاين فأنه في الواقع يقترب اكثر من حدود التأويل من جهة قراءة البناء الفيلمي من خلال وحدة الصورة الفوتوغرافية المجردة والساكنة التي تفعل فعلها في تشكيل المعنى .
انه معني بما هو قبل التلقي الصوري اي قبل المشاهدة ، معني بتلك الظواهر المواكبة لفعل المشاهدة ، انه يراقب حتى ذلك المشاهد العابر الذي يخرج وهو يتمطى ويشعر شعورا بكسل لذيذ غب المشاهدة ، ويمضي بارت فيما يسميه بالمعنى الثالث في القراءة التأويلية الى سلسلة من الأحالات التي تذهب بعيدا في البناء العميق للصورة .
هذه التجارب التي تتوازى فيها قوة التجربة النقدية مع القيم الجمالية للبناء الصوري هي التي قدمت شكلا آخر من اشكال التجريد الذي يوازي فاعلية التأويل ، تجريد الصورة من مكانيتها وأنساقها والمضي معها الى حيث الرموز القابلة للتأويل والتي من الممكن تكوين منظومة للمعنى من خلالها .ولعله من المهم هنا القول ان الناقد شارح الصورة والذي سبق وتحدثنا عنه في مرة سابقة ، هذا الناقد الشارح ظل وفيا كما يبدو لدوره وعلى هذا تحاشى اي مفصل قد يقوده الى فقد ادواته النقدية التي الفها هو كما ألفها قراءه ، وتحاشى الأحساس المجرد بالقلق من الخوض في غمار بنية الصورة والبقاء على هوامشها ودلالاتها التبسيطية . ولعل المضي في هذا المسار انما يفرز واقعا نقديا يخلخل موازين نقدية سادت في المشهد السمعبصري العربي ، وكان من نتائجها الركون الى شكل واسلوب وطريقة نقدية محملة برواسب شتى اهمها رواسب عدم وجود منهج نقدي ومنه عدم وجود مساحة للتأويل بالمرة.
I
على افتراض ان الناقد هو ذلك الذي يعنى بالتأويل ... فأن مساحةالتأويل هذه ستتسع باتساع الوظيفة المباشرة التي يراد منها فهم العملية النقدية في كينونتها المجردة . واقعيا نحن امام تتابع في وعي الناقد ومسؤوليته فهو كائن تأويلي او مؤول وهو كائن شارح كما ذهبنا في عمود سابق لكن مايعنينا هنا هو ان نؤسس لتلك الوظيفة المفترضة المجهولة التي يمارسها الناقد باعتبارها من لوازم الفيلم وامتدادا لكينونته المجهولة التي يراد اعادة انتاجها بواسطة هذا التأويل ومساحته المفتوحة .
ومهما ذهبنا في استقصاء وظيفة الناقد المجردة فأن فعل التأويل سيطغى على مهمة الناقد .
الكم الهائل من الرموز والدلالات والمعاني المضمرة ومواجهة مدارس النقد والمدارس الجمالية في فن الفيلم كل هذه تفرض على الناقد ان يمضي في مسار التأويل قدما فيقدم وظيفة موازية قائمة على رسم ملامح الفكرة التي يريد ايصالها .
لكن السؤال الذي يمكن ان يطرح هنا هو اين هي مساحة التأويل وما حدود فعل التأويل ؟ وما المسار الذي يتخذه الناقد كي يفي بالغرض ويصبح ناقدا مؤولا ناجحا ؟
وعلى افتراض ان من وظائف الناقد ان يكون تأويليا فأن ثمة اشكالية تتعلق بالأدوات التي يفترض ان يتخذها الناقد المؤول هذه المرة ... انها واقعيا كينونة افتراضية تتسع باتساع الفكرة المجردة الى معطيات شتى حتى تصدق مقولة ان الناقد ما هو الا كائن مؤول يؤدي دورا في قراءة وتأويل الصورة في امانة وموضوعية.
II
ربما بدت هذه الوظيفة اشد ارباكا وتعقيدا في الظاهر من جهة عدم وضوح الوظيفة التأويلية وبقائها مجرد فعل لتوضيح او تفسير المضامين الصورية .
ولعله من المهم الأشارة الى ان الناقد في دوره المجرد يبدو ظاهريا انه مطالب بأيصال فكرة محددة ومجردة تتعلق بالتأويل الذي تدل عليه الصورة ... لكن وبموازاة ذلك هنالك تتابع في الوعي بوظيفة الناقد في كونه معني بوظيفة اجمالية يتدرج من خلالها الى قراءة الصورة والى تأويل الموضوع والحدث والصراع وبنياته الداخلية وتتبع البنى السردية من دون الأتجاه الى جوهر فكرة التأويل ذاتها . كما انه من المفيد هنا النظر الى فكرة مؤداها ان مسألة الناقد المؤول هي ابسط في الظاهر من الكينونة المجردة التي يراد بها ان تتكامل الصورة ، فهو مطالب هنا بتبسيط الصورة من جهة تفكيكها وأحالتها جماليا وفكريا الى احالات تختصر المسافة الى الصورة ذاتها .لقد قدمت المدارس النقدية تنوعا كثيفا في اطار الأشتغال على منظومات ( المعنى والتلقي والدال والمدلول والبنى السردية والقارئ المجرد والقارئ الضمني ).... وكثير جدا مما يمكن تأشيره والحديث عنه من زاوية ما تحركه مقولة التأويل في الوعي المجرد من احالات معمقة . من هنا وجدنا ان فعل التأويل الذي يرتكز عليه الناقد سيتشعب من جهة الأجابة عن اسئلة الوظيفة النقدية وانتمائها وجذورها وهي وظيفة تجريدية هنا بسبب عدم اتضاح الآ لية التي يتحرك بموجبها الناقد المؤول ... فهذا الناقد المجدد المندمج بمعطيات مدارس مابعد الحداثة يقف متسائلا عن الوظيفة المركبة التي يفترض ان يعبر عنها ويخوض غمارها ومابين النظرتين ثمة فاصلة شاسعة .
III
واذا ما خرجنا من جوناثان كلر في توصيفه لآلية التلقي ومن لنتفلت في احالته للقارئ الضمني ومتون القراءة التأويلية ومن باختين في تدرجه باتجاه البنى الحكائية فأننا امام سؤال تغريبي ربما ، سؤال يتعلق بالكيفية التي يتم بموجبها التحول من المتن المجرد القائم على المعنى والوظيفة الى معان متوازية تتعلق هذه المرة بأدوات التأويل غي المكتملة لدى ناقد الصورة لكونه ناقد مهيأ لوظيفة اخرى غير مباشرة كما هي الحال في المشهد النقدي في تراتبه واعتماده على تراكم منجز المدرسة النقدية . لكن مايلفت النظر حقا في هذا الباب هو مالجأ اليه رولان بارت في قراءته التأويلية لرموز الرائد السينمائي المعروف على نطاق عالمي انه احد اهم رواد الفن السابع المؤسسين وهو ايزنشتاين ، فهو اذ يتفاعل مع بنية الصورة لدى ايزنشتاين فأنه في الواقع يقترب اكثر من حدود التأويل من جهة قراءة البناء الفيلمي من خلال وحدة الصورة الفوتوغرافية المجردة والساكنة التي تفعل فعلها في تشكيل المعنى .
انه معني بما هو قبل التلقي الصوري اي قبل المشاهدة ، معني بتلك الظواهر المواكبة لفعل المشاهدة ، انه يراقب حتى ذلك المشاهد العابر الذي يخرج وهو يتمطى ويشعر شعورا بكسل لذيذ غب المشاهدة ، ويمضي بارت فيما يسميه بالمعنى الثالث في القراءة التأويلية الى سلسلة من الأحالات التي تذهب بعيدا في البناء العميق للصورة .
هذه التجارب التي تتوازى فيها قوة التجربة النقدية مع القيم الجمالية للبناء الصوري هي التي قدمت شكلا آخر من اشكال التجريد الذي يوازي فاعلية التأويل ، تجريد الصورة من مكانيتها وأنساقها والمضي معها الى حيث الرموز القابلة للتأويل والتي من الممكن تكوين منظومة للمعنى من خلالها .ولعله من المهم هنا القول ان الناقد شارح الصورة والذي سبق وتحدثنا عنه في مرة سابقة ، هذا الناقد الشارح ظل وفيا كما يبدو لدوره وعلى هذا تحاشى اي مفصل قد يقوده الى فقد ادواته النقدية التي الفها هو كما ألفها قراءه ، وتحاشى الأحساس المجرد بالقلق من الخوض في غمار بنية الصورة والبقاء على هوامشها ودلالاتها التبسيطية . ولعل المضي في هذا المسار انما يفرز واقعا نقديا يخلخل موازين نقدية سادت في المشهد السمعبصري العربي ، وكان من نتائجها الركون الى شكل واسلوب وطريقة نقدية محملة برواسب شتى اهمها رواسب عدم وجود منهج نقدي ومنه عدم وجود مساحة للتأويل بالمرة.
0 comments