شيء ما عن تجربة المخرج "طارق صالح"
الشخصيات الأفتراضية في حياتها الواقعية
طاهر علوان
ربما نكون امام تحولات ملحوظة ومهمة على صعيد ادماج الصور المتحركة مع الصور الواقعية ، بمعى ان تكتسب الصور المتحركة اشكالا واقعية و تجسر الفجوة مابين تلك الحياة في الصور المتحركة مع صور وملامح الشخصيات والأماكن في حقيقتها الواقعية ، ربما يكون ذلك في حكم تحصيل الحاصل نظرا للتطور التقني الهائل في استخدام برامج الكومبيوتر وبرامج التصميم والرسم بشكل خاص التي صارت تقدم يوما بعد يوم نتائج مذهلة ومتقدمة لم تكن في الحسبان ولم يكن احد ليتوقعها وهي تتسارع في كل يوم .

الواقعية السحرية في افلام المخرج اريك رومر

فيلم (حكايةالخريف، 1998) انموذجا

فيونا أي . فيليلا

Viona A.Villella

فيونا اي فيليلا تعمل محررة مشاركة في موقع احاسيس سينمائية وناقدة سينمائية مقيمة في ملبورن – استراليا

ترجمة د.طاهر علوان

(لقد اعتاد المشاهد و لمدة طويلةعلى ترجمة الإشارة البصرية، وإلى استخراج حقيقة مفادها : لماذا كل صورة هناك لها القابلية على تقييم الواقعية البسيطة.)

إيريك رومر

قدم فيلم حكاية الخريف، شخصية ماكالي Magali (بياتريس روماند ) وهي تشرح لصديقتها القديمة إيزابيل (ماري ريفيير ) نوع العلاقة الحميمية التي تربطها بحقول الكروم . كانت ترسم تضاريس الموقف كما لو كانت ترسم بريشة فنان، تحترم وتعبر عن خواص الطبيعة ، وخلال هذا بدت رافضة ومعارضة ان تتحول تلك العلاقة بالمكان الى علاقة عمل او تجارة بينما الواقع يحتم ان يستغل المكان من اجل عملية صناعية فضلا عن التصدير الذي ترتبط بالمنتوج الزراعي .

الشيء نفسه يمكن ان يقال عن المخرج اريك رومر وعلاقته بالواقعية والتي تتمثل في صناعته للفيلم . ومن المنطلق الشكلي والأسلوبي فـأنه لم يفرض وجهة نظر او تفسير محدد من خلال الأفلام التي انجزها كما انه يتصنع احساسا او زمنا .في مقابل هذا وجدنا رومر وقد راقب بدقة شخصياته وحالاتهم بطريقة مستقلة او منفصلة ، محايدة ،بسيطة وجديرة بالأحترام .

لقد تعامل رومر مع الواقع من اجل ان يولد ايقاع من ذلك الواقع ، تأثيره و تعقيداته وكل ذلك من اجل اكتشاف وتقديم الجمال وروحه الكامنة .لقد كانت ميزة افلام رومر انها افلاما آسرة للمشاهدين وذلك من خلال طابعها المادي والحسي عبر تلك الواقعية الفيلمية اصوات زقزقة الطيور ، لعبة الظل والضوء وانعكاساتها على وجه روسين ( الممثلة اليكسيا بورتال ) في فيلم حكاية الخريف ، إبتسامة إيزابيل في تلك اللحظة وكأنها يعاد اكتشافها ، ثم اثر الريح المتدفقة وهكذا. هذه لحظات هي لحظات "واقعية سحرية".

ان حالة المخرج رومر هي فريدةُ حقا . بالرغم من أن خبرته كانت قد بَدأتْ بين متطرفي الموجةِ الجديدةِ في السينما الفرنسيةِ، فأن رؤيته المحددة وخاصة كلاسيكياته المقترنه بأسلوبه الشفاف في صناعة الفيلم كانت مختلفة كليا عن اساليب اقرانه السينمائيين . لقد كانت افكاره السينمائية اكثر قربا من افكار اندريه بازان (وهو كان مقاربا له في العمر ايضا ). خلال الستّينات و' السبعينات وهي حقبة الحداثة المتعسكرة ، لم يكن رومر يخشى ان يتحول الى مجرد مخرج كلاسيكي . وكما قال يوما في مقابلةأجريت معه في سنة 1971: سؤال : - "ماوجهة نظرك عما يجري للفيلم الآن ؟ هل تعتقد بأن نوعا جديدا مِن السينما سيأتي إلى الوجود؟ الجواب : "بالنسبة لي ان ماهو جديد حقا هو تلك الأفكارِ التي لاترتبط بزمن ".

في بيان مشهور كشف رومر عن رؤيته للسينما : "ليست السينما كما ستنتهي او تؤول بل بكونها تعبر عن وسائل ". ان تقنيات السينما،هي اولا و قبل كل شيء، لها قابلية فريدة لإعادة إنتاج الحقيقةِ بشكل دقيق مع ذلك فأن هذه الرؤيةِ تتقاطع مع وجهة النظر المحافظة والجوهرية تجاه العالمِ، انها تمرر أسلوبا متفردا في صُنعِ الأفلام. ان ميزة رومر انه إنساني ومعتدل؛ تعرض افلامه نقاطَ الضعف، التشويش، عدم استقرار الشخصيات كلحظات "صغيرة" ولكنها تقدم بطريقة غير مألوفة .

في مقابلة اخرى ضمن مائدة مستديرة مَع عدد من النقاد ، يؤكد رومر ارتباط الواقعية التي يؤمن بها بمرحلة الفيلم الصامت وتحديدل بأعمال لوميير .

يقول : من خلال هذه الأفلامِ فقد بقينا مع بإنطباعِ اننا نرى العالم بعيون مختلفة . انها افلام تجعلنا نتعلم كيف نعجب بأشياء لم نكن نعلم بها وكيف نعجب بها في اشكالها الأصلية .الناس تسير في الشوارع ، الأطفال يلعبون ، القطار يسير ، لاشيء غير معتاد لكن هذا هو مدخل الأحساس بالدهشة وهي في قناعتي المسألة الأكثر اهمية " .

اضافة الى ذلك كان رومر يُؤمنُ بالجمالِ الضروريِ للعالمِ ومثل هذه اللحظاتِ "العاديةِ"، هي الطريق التي يصور من خلالها هذه اللحظاتِ إلأستثنائيةُ. بواسطة التأطير و والقطع الدقيقِ، لفت إلأنتباه إلى لعبة الضوءِ الطبيعيِ ، تصميم الصوت الذي يندمج بنص بأصوات الحياة الحقيقية . أفلام تحرك فينا دهشة المشاهدة حقا .وكما هي الموسيقى، فأنك ترى الشخصيات وهي تتحرك برشاقة، وبشعور عميق وعاطفةِ تتوارى خلف المظهر الرسميِ.

بالرغم من أن الفلمِ والموسيقى يتشابهان في التركيبِ والتأثير، الا ان قوانينهما تختلفُ بشكل جذري. ان السينما بأعتبارها فنا ادائيا ، فأنها تمتلك قوتها من خلال فعل الأكتشاف وعرض الحقيقةِ في صلابتِها وقوتها المادّيه.وعند المخرج رومر نجد ان بناء المشهد السينمائي يتضمن اعادة تقديم القصة من خلال اية وسائل مادية ، المظهر الفيزيائي للشخصيات ، كلماتهم ، نغمات اصواتهم فضلا عن التأطير والمونتاج .

السينما حتى في الأفلام الروائية هي اداة للأكتشاف ،ولأنها شاعرية فأنها تكشف المزيد ، ولأنها تكشف فأنها شعرية .

ومما لاشك فيه ان اهتمام رومر وحرصه على تقديم الأشياء كما هي فأنه يبعد تأثير التقنية التي تؤثر في صنع الميلودراما ( لهذا فأنه لايستخدم الموسيقى في افلامه ) وأية تقنيات يمكن القول انها تفرض وجهة نظر على واقعية رومر ، ان سمة الوضوح والتماسك في رؤية رومر قد اوجدت سينما أسطوريةَ مبكّرةَ فضلا عن الظهور الأولَ للعالمِ الذي تمت اعادة إنتاجه ميكانيكياً؛ ان الأنطباع الأول لإنتقال الأجسامِ عبر المكان ؛ السحر في التَأْطير والأقتراب من الحقيقةِ؛ كل هذا يقود الى التساؤل العجيب الذي يظهر على السطح في كلّ يومِ وعن الذي يجري تصويره واعادة انتاجه من خلال الضوءِ والزمان والمكان .

على نقيض هذا كله نجد ان رومر يمزج ( ويحقق موازنة بين مايمزج ) ، يمزج واقع صناعة الفيلم ببعده النصي والمادي - والمحصلة هي ايروتيكية الواقع .. ومع السرد الهوليوودي الذي يتميز بالشفافية . إنّ الميلَ الى ماذكرناه آنفا صار سائدُ جداً في آخر عرض لحكاية الفصول الأربعة من ( حكاية الخريف 1998 ).

على خلاف فيلم حكايةِ الصيفِ (Conte d'ete، 1996) وأفلام سابقةاخرى له ، فأن رومر لايبني القصة على ايام قد خلت ، وحيث يعلن عن ولادة يوم جديد من خلال العنوان الثانوي ، الذي لَه دور في تَصعيد التأثير "الأنثوغرافيِ"هذه الأفلامِ. في فيلم حكاية الخريف هنالك القطع المونتاجي والأحداث جديرة بالأهمية . مع ذلك يَبقى الأحساس "ألأنثوغرافي جديرا بالأنتباه وذلك على مستويات الصوتِ والصورة، وعلى مستوى تفصيلات الزمان والملمس وطبيعة الشخصِية.

وامتدادا للطبيعة الأنسانية التي تتميز بها افلام رومر فأننا نلمس وفاءه للشخصية والمكان في تلك الأفلام لِذلك تجده يبني وينظم عناصر مهمة في افلامه مثل :عمر الشخصِية , عرض فترة محددة من حياتِها، التاريخ الذي تقع فيه الأحداث في السنة ، الموسم ، اليوم، الوقت من ذلك اليومِ ثم المدينة والبلد.

فمثلا فيلم حكاية الخريف يركز من البداية على تقديم الموسيقى والغناء للتعبير عن حياة القرون الوسطى .

في بداية الفيلم هنالك الأصوات الواضحة لزقزقة الطيور مع ظهور تدريجي للصور مؤطر بعناية ، ثم لقطات للشوارعِ الضيّقةِ والطويلةِ , ثم ملمس البنايات في تلك المدينة الصغيرة وكلها تزج بالمشاهد في ماهو محدد وآني. ان من هو معتاد على مشاهدة افلام رومر يعلم جيدا ويتوقع انه سيشاهد كل هذا بالرغم من ان اغلب مشاهد الفيلم كانت قد صورت في اماكن طبيعية وحقيقية ساحرة .وهنا لابد من القول ان رومر لاينغمس في رومانسية عالم الطبيعة مطلقا ، ( وماذا ترى بأمكان المرء ان يحدد بالنسبة لصانع فيلم سياسي ) في المقابل فأن مايأسره هو عمليا هو العالم اليومي لشخصياته .

وعلى سبيل المثال، هنالك الإتّصال الفطري بين الفتاة ماكالي ومزرعة الكروم التي تلعب دورا مهما في حياتها ، وحيث تقدم المشاهد في وادي منطقة الراين وحيث شخصيتها الحيوية والصلبة وحيث تظهر وهي في المقدمة دائما ، مسيطرة على اطار الصورة كما لو كانت تسير على النبات بثقة وبلا مبالاة وهي تقود ايزابيل .

في ظل هذا كله سيكون من الصعب التغاضي عن الجمال الفطري للريف وللقرية الصغيرة التي تم بناؤها لأجل هذه القصة فضلا عن الطريقةالعملية للأيحاء بشكل حساس ومتقن للمشاهد في سياق احتفالي بالحياة . حكاية الخريف هي وصية واقعية ذات بعدإنساني , هي إحتفال بالحياة وبكل حالات غموضها وتشوشها . وهناك الكثير مما يقال عن تلك الحبكة البلورية التي تقدم صورة ما للقرون الوسطى ، انها خريف الحياة ، انها الحقبة التي يفترض فيها العالم ان الأشياء في اماكنها الصحيحة ، او يجب ان تكون كذلك ، وحيث هنالك درجة معينة مِن إلأنجازِ والأحساس بالسعادة قد تم بلوغهما ويشعر المرء بالأستقرار لدى بلوغ السنوات الأخيرة من العمر .

وفي كل الأحوال فأن رومر يكشف من خيال ازيائه المعتادة والبارعة عن كل هذا الغموض والشك ، مشاعر الخوف وعدم الراحة لدى شخصياته وهي في منتصف العمر .

ويقدم الفيلم شخصية ماكالي المحنكة صانعة النبيذ وهي تعيش وحيدة ، اولادها وزوجها قد غادروا ، وهي في حواراتها مع صديقتها ايزابيل تكشف عن وحدتها . ومن بين ذلك مشهد متميز اوحى بهذا الأحساس مباشرة تدفق في العاطفة الممزوجة بالألم والأحساس العميق بالوحدة. ولعل الكلمات المتبادلة بين الشخصيات تفصح عن مجموعة من المعطيات : الخط المتتابع للأفكار ، الأيقاع والتأطير ، الأسلوب العفوي والمباشر ، وكل هذا مع مظهر ماكالي القوي والغليظ لتتباين كلها في لحظة واحدة مع الشعور بالأنكسار الممزوج بالرغبة في الأندفاع .

ثم يأتي موضوع ايجاد شريك لماكالي ليمثل القوة الموجهة للسرد والمحور الذي من خلاله تتجه افعال ودوافع ايزابيل وروسين .

ان تردد اصداء شخصية ماكالي من خلال شخصية ديلفين (الممثلة ماري ريفيير ) في فيلم في الحرير الأخضر (1986)،وحيث يتم التعبير عن الأحساس بالوحدة بشكل متحرك و بشكل مؤثّر وشاعري مِن قِبل رومر في إيقاعات تعبر عن لحظات الأحساس بالوحدة. ان الأحساس العميق لدى ديلفين وقد تجسد في الشعاعِ المواكب للحظات الغروبِ - وكان أداء رومر هو الأكثر وضوحاً في هذا الفيلم بالقياس الى باقي أفلامِه. إن التشابهات بين الحرير الأخضر والحكاية الخريفية واضحة في عكسِ رومر الرائع للأدوارِ والشخصِيات من خلال المشاهد المصنوعة بعناية في كلا الفيلمين .

ولنعد إلى فيلم حكايةً الخريفً. فكما تتبعنا إيزابيل في لقائِها مَع جيرالد (ألين ليبولت )، الرجل الذي يرد على إعلانَها، واللقاءات الأخرى التالية ، فأن الدوافع بدت متزايدة ولكنها تثير التساؤل. لقد انفقت مزيدا من الوقت مع جيرالد ثم مع ماكالي ،ورغم ان ايزابيل تظهر وكأنها مبعوث قادم من اجل ماكالي فقد كان هنالك احساس كثيف يربط بين إيزابيل وجيرالد كصديقين لاينفصلان بسهولة .تستشعر الشخصيات بهذه الكثافة : ايزابيل شبه ثملة وفي حالة استرخاء وتعبر عن رغبتها في ان تكون مرغوبا فيها بينما يرتعش جيرالد قليلا وهو بالقرب منها ولقد بدا قلق إيزابيل في اللقطة الأخيرة وتأكيد عدم ركونها للراحة وهي تتساءل "انى لرومر استكشاف كل هذا بتلك البراعة؟" .

وتبدو روزين مثل نموذج مثالي عند رومر مثل كائن يافع ، جذاب الشكل ، يتسم بالبراءة ، لبقة ومهذارة في الحديث عن علاقات الحب ، وهاهي تنذر صديقها معلمِ الفلسفة السابقِ ، بأنّهم سَيرون بعضهم البعض بشكل مؤقت وحتى يعثر هو على إمرأةً أخرى وبعد هذا سيكونون مجرد أصدقاءَ. لقد كان ذلك الفعل الذي يعكس نزعات إيزابيل في موقفِها المقلقِ نحو الحب والرغبة .

قراءة في تجربة المخرج التركي ريها ارديم

فيلم "شمس حياتي المشرقة " تراجيديا انسانية بجذور واقعية


طاهر علوان

في المسافة الفاصلة بين عالمين ، علم هناك يتضخم ويتسع ولايمكن ادراك حدوده وخباياه ومداه ، هو البحر الشاسع الذي تتجول فيه البواخر العملاقة فيما تكتفي المراهقة الوديعة (حياة ) بالفرجة عليه , العالم الشاسع الذي يحتله الراشدون وهم يصارعون من اجل العيش في مقابل ذلك الدبيب الصامت الذي تمارسه (حياة )وهي تدرج في حياة متشعبة وعصيبة .

مابين العالمين هنالك مساحة ما لقراءة هذا الواقع الذي لايريد ان يستجيب ولا يعنى بما يكون عليه الناس ، من هو القوي فيهم ومن هو الضعيف ، فالحياة تسير الى غاياتها وكل شيء الى منتهاه بينما في الجانب الآخر ثمة مساحة للصمت والحيرة والقلق ، مساحة هي خليط من التحولات التي تلاحق الشخصية .

في تجربة المخرج التركي الشاب (ريها ارديم) ثمة هذا النزوع لتملس محنة الأنسان وصراعاته وقلقه وتحولاته وضعفه وقلة حيلته ، هنالك كائنات رخوة وضعيفة يبحث عنها ايرديم – كاتب السيناريو والمخرج - ويقترب منها يتلمس قلقها ووحدتها ، ثمة كائنات مجهولة وليست عظيمة ولامعروفة ولكنها تقرأ الحياة بطريقة مختلفة ـ علامة اختلافها لوحده كاف لتلمس مسارها واكتشافه فهو جدير بالأكتشاف حقا ...

كائنات معزولة

يبحث ايردم عن كائنات معزولة ونائية وتعيش في اماكن نائية ليقترب منها ويحاكيها ويتفاعل معها ، مساحة البطولة والأشراق محدودة تماما بسبب ان تلكم الشخصيات لاتمتلك عناصر القوة التي تجعلنا ان نتمثلها بقدر ان نقترب منها ونتفاعل معها ونعيش احلامها وهواجسها ...(حياة) المراهقة و (كوزموس) الذي يتمثل شخصيات تاريخية عرفناها كعروة بن الورد في التراث العربي و روبن هود في التراث الأنجلو سكسوني ، هؤلاء الذين يكرسون حيزا من حياتهم لمساعدة الأخرين ، هذان النموذجان او المثالان هما الأكثر تعبيرا عن عالم ايردم السينمائي

هو عالم مفعم بالواقعية وقريب من الحياة ، يبحث عن منافذ شتى للأقتراب من شخصياته سواء وهم مسالمون وطيبون او هم يمارسون اخطاءهم التي في الغالب يساهم في صنعها المجتمع المحيط بهم .

يحاول ريها ايضا ان يجعل من الكاميرا ، من الصورة اداة للتفاعل بين الشخصيات والجمهور وبالرغم من امعانه في التركيز على شخصياته الى درجة الأحساس انه يقع في دائرة التكرار الا انه في الحقيقة يحفر عميقا في عالم شخصياته والمجتمع الذي تعيش فيه .

ومن جانب آخر فأن دراسة ريها في باريس وحصوله على شهادته العليا في تخصص السينما من جامعة باريس الثامنة لم يدفعه الا الى اعادة قراءة الواقع والحياة في تركيا ، فهو لاينحو منحى تغريبيا مع شخصياته او انه يحاكمها من وجهة نظر تخصه هو بل هو اكثر تفاعلا معها في حياتها الواقعية.

حياة ..مراهقة تقرأ الواقع بعيون الكبار

يحكي فيلم "الشمش المشرقة في حياتي " بأسلوب واقعي شاعري انساني مرهف قصة فتاة تدرج من الطفولة الى المراهقة وهي حياة ، التي انفصل والداها فصارت توزع وقتها مابين يومها المدرسي مرتدية ثوبها الأزرق وبين رعاية جدها المقعد الذي تصيبه بين الحين والآخر نوبات حادة من ضيق التنفس (الربو) مما يتطلب باستمرار وجود كمام الأوكسجين الى جانبه ، تمضي حياة يومها الرتيب وقد تسرب صوت الشهيق والزفير لجدها الذي يكاد يموت في كل يوم ، تسرب اليها لاشعوريا حتى صارت تبادله ذلك الضيق بين الحين والآخر ، خلال ذلك هي لاتمتنع عن تلبية رغبة جدها في التدخين وتذهب بين حين وآخر لشراء السجائر له ليستدرجها صاحب الدكان مداعبا في شكل يتطور بالتدريج الى التحرش الجنسي وكان بعد ان ينتهي منها يتركها تحمل معها ماتشاء من حلوى من الدكان حتى صارت هي مصدرا للحلوى توزعها في المدرسة على زملائها وزميلاتها وسط شكوى مستمرة من ادارة المدرسة من اهمالها وقيامها بالغش بينما الأب يوفر خدمة يومية للبواخر الراسية او القادمة بتوفيرالمخدرات والفتيات للبحارة ، الأحداث كلها تقع على شاطئ البحر ، فالبيت الخشبي لحياة ووالدها وجدها يقع في منطقة خضراء ، يحاذي الجسر المؤدي الى المدينة ، تنمو احاسيس المراهقة في داخل حياة التي تمضي اغلب الفيلم وهي صامتة تردد اصواتها الخاصة ومغطية وجهها بشعر كثيف ينسدل على عينيها ، ومع وصولها الى درجة من الضياع التام وما يقع لها من تطورات بيولوجية وفي تكرار زيارتها للدكان تغتصب ربما من طرف صاحب الدكان نفسه ويتطور الأمر مع الأب ايضا الذي ينتهي به الأمر الى ان تلقي الشرطة القبض عليه بعد عثورها على المخدرات لديه .

الواقعية والدراما الأنسانية

يقدم الفيلم ممثلة مراهقة على درجة عالية من التمكن في الأداء يقف خلفها مخرج مقتدر استطاع ان يقدم هذه الدراما الواقعية بكل تلك السلاسة والجمال الأنساني ..

تبحث في يوميات الشابة اليافعة "حياة" عن افق ما ، افق تحاول الأجابة عن (لماذا؟ )، لماذا هذه الشخصيات وما دوافعها وماحاجاتها ، الأجابات التي تتعلق بهذه الدراما تبدأ من مشهد مصنوع بعناية ، انه آخر مصباح مضيء مع طلوع الصباح ، حياة تقف على حافة المياه بانتظار قدوم والدها بزورقه لينقلها الى المدرسة في كل يوم ، يتكرر المشهد ذهابا ورواحا ، دون ان يكون لدى الأب كثير مما يقوله لطفلته ، وهي ايضا لايوجد ماترويه لوالدها وهي التي يغطي شعرها وجهها تماما وتدندن بأغنية ما مع نفسها ، حياة صامتة لايقطعها سوى لهاث الجد ومرضه وعزلة حياة ووحدتها ...

صناعة المشهد وتحولات الشخصيات

يصنع المخرج سلسلة مشاهده بعناية تامة ولكن بواقعية في تلك المساحة الواقعية في خطوط حركة حياة ذاهبة الى بيت جارتهم التي تعطف عليها وتشاركها الطعام ومشاهدة التلفزيون ، فيما امها المنفصلة عن ابيها ترعى طفلا رضيعا من زوج يعمل ضابطا للشرطة ، وفي سلوك فيه من خبث المراهقة وبساطة الطفولة تكشف حياة عن ساقيها لزوج الأم الذي ينهرها مرارا ويطالبها ان تعتدل في جلستها ...هي تدور في فضاء لحيوات مجاورة فيما هي في المركز تكتشف لنفسها عن مسار ما خاص بها.

في المقابل نجد ان الأب في صراعه من اجل العيش لايجد مهنة غير خدمة البواخر الضخمة القادمة الى ميناء قريب ، خدمتها بتبادل او مقايضة الخمر بالمخدرات وكذلك الأتجار بجسد غانيتين يوفرهما لمن يدفع ، ويتكرر مشهد تلكما الفتاتين من ذلك الزورق الصغير الى تلك البواخر العملاقة وفي احدى المرات ترمى الفتاة الغانية الى البحر بعد ان واقعها خمسة من البحارة ولم يدفعولا لها شيئا .

حياة مهشمة ولا شكل ولا معنى لها سوى ان يمضي الأب في دورته الروتينية اليومية التي ببحث فيها عن وجود ما في هذه الحياة ولو هامشي ...هي دورة مألوفة ومكررة : ينقل حياة الى المدرسة ، يعود الى عرض البحر بانتظار قدوم البواخر ، يجلب البغي ، يوفر الحشيش بواسطة دلو يرسله له البحارة فيه المال وزجاجات النبيذ ، يعود ، مشهد قلي السمك اليومي يتكرر ، وهكذا تدور حياته .

حياة البالغين التي لانراها

هي حياة البالغين وافعال الكبار في مقابل احلام المراهقة (حياة) ، هي في قلب دائرة الكبار التي تتضخم وتتسع من حولها وهي تحاول ان تجد لها مكانا في تلك الدوامة المجهولة التي تكشف عن انانية ولامبالاة بوجودها ، وهي تجد مع كل واحد من اولئك الكبار جانبا تكتشفه ، فهي اكتشفت مع صاحب الدكان ماذا يعني نمو الحواس والتفاعل جنسيا وصولا الى الممارسة الجنسية الفعلية التي لانشاهدها اطلاقا وحيث لايحتوي الفيلم مشهدا جنسيا واحدا ولا مكشوفا ، لكنك تستطيع ان تدرك في آخر مشهد عادت فيه حياة من زيارتها اليومية لصاحب الدكان انها قد قد تعرضت الى تجربة جنسية القتها خاوية في وسط الحديقة الكبيرة المقابلة للمنزل المواجه للبحر ، وهي اخذت من جارتها الودودة عزلة المرأة ونسيانها ما حولها وانشغالها بالتهام الطعام ومشاهدة التلفاز والذهاب الى ملاعب الأطفال واخذت من والدتها انشغالها بالطفل الرضيع واخذت من البغي التي يسمسر بها والدها للبحارة الأبتهاج بالحياة والتمتع بالأزياء والعطور وهوماتحاول حياة ممارسته فيها بعد في مشهد اخير يجمعها مع مراهق آخر حيث يسرقان زورقا وينطلقان فيه في عرض البحر .

جمالية البناء المكاني

بالرغم من انعكاس الطابع الواقعي على الفيلم حيث تم التصوير غالبا في اماكن حقيقية الا ان اختيار المخرج للمكان تميز بجمالية خاصة اذ يلفت النظر هذا التجاور بين بيئات متعددة ، البحر حيث تجري الفصول اليومية المعتادة لتواصل الأب مع البحارة ، وحيث يتقزم ويصغر هو وقاربه الى درجة تقترب من التلاشي قياسا لتلك البواخر العملاقة التي يتواصل معها ، وبمجرد الخروج من البحر يلوح البيت الخشبي لحياة ووالدها وجدها وهو يقع في وسط احراش واشجار وحدائق وحيث الصلة اليومية مع الطبيعة والطيور والقطط ..وعندما تذهب حياة الى الدكان لشراء السجائر فأنها ترتقي سلما بسيطا يقودها الى طريق متعرج ينتهي بها الى المدينة الصغيرة حيث الدكاكين وحيث للحياة نبضها المختلف ، تتجاور هذه المكونات المكانية وتتلاحم مع ان لكل منها اثره التعبيري في الفيلم ، فالبحر بالنسبة لحياة ليس اكثر من مكان انتظار على الشاطئ او المرسى حتى قدوم الأب ليقلها الى المدرسة ، ولكنه ايضا له امتداد مع مياه ضحلة عندما تسير فيه حياة من دون ان تغرق او تسبح ، واما المدينة النائمة فهي لاتقدم لحياة غير رجل واحد هو ذلك الذي يغويها ويتحرش بها جنسيا ...بينما تكون الغابة الصغيرة والأحراش مكانا لحياة تتأمل فيها وتتوارى عن الأنظار في وسط الأحراش ، هذه الجمالية الفريدة للمكان منحت الشخصية ملاذا من جهة كما منحتها قراءة لما حولها وتواصلا مع الأخر من خلال جغرافية المكان .

………………………………..

من اسرة ورشة سينما – خاص : بروكسل

و س 32 -11-2010

المقال للأستفادة الشخصية وليس لأعادة النشر . جميع الحقوق محفوظة لورشة سينما . لايسمح بأعادة النشر الا بموافقة ادارة الموقع والكاتب صاحب المقال.اعادة النشر من دون موافقة يعد مخالفة قانونية لحقوق الملكية الفكرية والنشر

Time is measured from nothing but an imaginary CLOCK

في الصورة ..باتجاه الأبعاد
...تولد الصورة من رحم الأشياء ، من تلافيف الزمان والمكان لكنها الصورة الأم صورة التكوين وملاذ الكلمة حيث تتحد شظايا الصورة بشيفرة الكلمة لتصنع كينونة جديدة ، كينونة اخرى تليق بهذا المقدس العجيب المقدس الكامن في ابجدية الصورة وفي مكونها الجيني انسالها التي تتخلق بين ايدي اولئك المكتوين بالأبداع


Text Widget

............................................................................
A coverage for the International festival for the idependent film (Bruxelles )

http://www.cinearabe.net/Article.aspx?ArticleID=1918&SectionID=1&SectionName=الصفحة%20الرئيسية


http://www.cinematechhaddad.com/Cinematech/WrightsInCinema/WrightInCinema_TaherElwan.HTM

http://www.tunisalwasat.com/wesima_articles/index-20070706-6651.html

شكرا لكم على التهنئة لمناسبة تكريمي بميدالية المدينة الذهبية من عمدة مدينة بروكسل ..خاصة الى :
هشام الصباحي - الفنان التشكيلي العراقي حسن حداد - الناقد السينمائي البحريني حسن حداد - ليلى السيد - كاترين مونتوندو - صفاء ذياب - مريام فيرنديت - حسين عباس - اياد الزاملي - شاكر حامد - حسن بلاسم - عدنان المبارك -د.اكرم الكسار - د.خليل الزبيدي - شيركو -كرم نعمة-قناة الشرقية - جريدة الصباح - لطفية الدليمي - فؤاد هادي - د.سامي علي - جنان شمالي -رانيا يوسف - رضوان دويري -اشرف بيومي - رانوبون كابيتاي - ايميلي بالمر -ميك فوندربروكن - فريدي بوزو - ارين برديتشي- د.عمار العرادي - دينيس فيندفوكل - هانا فرانوفا - جوانا تاكمنتزس

..........................................................................

#طاهر علوان في حوار على القناة الأولى في التلفزيون البلجيكي ..اذهب الى الرابط لطفا

http://www.een.be/televisie1_master/programmas/e_kopp_r2006_a027_item1/index.shtml

موقع مهرجان بغداد السينمائي وجمعية سينمائيون عراقيون بلا حدود
http://cinbord.blogspot.com/



السلام عليكم ..welcome ... to my cinema blog...........TAHER ALWAN



تكريم الدكتور طاهر علوان بميدالية المدينة الذهبية من قبل عمدة مدينة بروكسل



بروكسل - (وكالات ): منح عمدة مدينة بروكسل (فريدي ثيلمانس ) ، الدكتور طاهر علوان ميدالية المدينة تقديرا لعموم منجزه السينمائي والثقافي في حفل جرت وقائعه في مبنى المؤتمرات في العاصمة البلجيكية بين نخبة من العاملين في حقل السينما نقادا ومخرجين واكاديميين من عدد من بلدان العالم من ذوي التميز المشهود .

واختير طاهرعلوان اختير مؤخرا عضوا في لجنة التحكيم الدولية لمهرجان السينما المستقلة في بلجيكا.

وتحدث في الحفل روبير مالنيكرو مدير مهرجان السينما المستقلة منوها بجهود طاهر علوان ومنجزه ومواصلته مشروعه السينمائي فيما حيا رئيس المهرجان مارسيل كراوس من خلال الدكتور طاهر عموم السينمائين ، ورحب عمدة المدينة بالتكريم متمنيا للسينمائيين التقدم .

وتحدث طاهر علوان شاكرا عمدة المدينة وادارة مهرجان السينما المستقلة على مبادرتها وتكريمها الذي عده فخرا كبيرا له وللسينما والثقافة واعترافا بتجدد الحياة الثقافية والسينمائية .

وامضى علوان الذي يحترف الكتابة القصصية والنقد السينمائي مايقرب من ربع قرن من العمل سواء في التدريس الجامعي او في النشر وهو مؤسس مهرجان بغداد السينمائي الذي اقيم في دورته الأولى عام 2005 وتقام دورته الثانية في اواخر شهر كانون الأول ديسمبر ، وهو ومؤسس ورئيس تحرير مجلة عالم الفيلم وهو ناقد سينمائي وعضو في لجان التحكيم في عدد من المهرجانات


......................................

المقالات في موقع سينماتيك

http://www.cinematechhaddad.com/



.......................................................................
كافة الحقوق محفوظة ..ولايسمح بأعادة نشر المقالات المنشورة في هذه المدونة في اية وسيلة نشر من دون الحصول على موافقة مباشرة من صاحب المدونة لأن ذلك يعد مخالفة قانونية لحقوق المؤلف والملكية الفكرية كما انه يعد نوعا من انواع السطو على جهود الآخرين ..آملين تفهم ذلك ..وشكرا
......................................
دعوة للجميع

ورشة سينما ..مجلة سينمائية مستقلة متخصصة لجميع المستويات : محترفين وهواة تقدم محاضرات ومقالات ودراسات واستطلاعات وكتب سينمائية وورش عمل ونصوص سيناريو واستشارات وهي ورشة مفتوحة للجميع ..مقالات ودراسات ومحاضرات في العديد من قضايا السينما في العالم العربي والعالم ..وهنالك المزيد ....دعوة للمشاركة ..ودعوة لزيارة الورشة على الموقع :
http://cineworkinst.eu































اصدقاء جدد لورشة سينما...اهلا


عالم من الشعر والموسيقى ..قراءات للعالم والناس والأماكن والذكريات ..تتجدد في مدونتي ..صعود القمر ..
enjoy it
http://themoonrising.blogspot.com/
............................................................
مدونتي بالأنجليزية : شعر باللغة الأنجليزية وموسيقى وباستمرار هنالك نصوص جديدة http:taheralwan.blogspot.com/
..........................................................
to contact me
dimensions_man@yahoo.com

.............................................
تصميم مدونة "ابعاد" : احمد طاهر























































































































































































































































































































































































































































العدد 61السنة الرابعة
شكرا لكم على الزيارة
مدونتي الأدبية : صعود القمر
مدونتي باللغة الأنجليزية































































تصميم المدونة :احمد طاهر
Designed by : Ahmed Taher

دفاتر


دفاتر

لغة الأدب ولغة الفيلم المعاصر

طاهر علوان



"العلامة تؤسس بذاتها المادة النوعية للسينما"

جاكوبسن

I



تتكاثر الشاشات من حولنا ، والأصوات تملأ الأماكن ، ونحن وسط التدفق الجبار لوسائل الاتصال السمعية البصرية نشهد كيف تتوالد في هذه المدارات الجمالية المشرقة ابداعات الإنسان التي لا تعرف إلا التجدد والتألق، فالشاشات تكتظ بالجديد، وآلات التصوير ما زالت تدور منذ مائة عام ونيف، والحصيلة مئات الآلاف من الأمتار من أشرطة الصورة ومثلها أشرطة الصوت وما زالت المكائن تدور والأصابع تضغط على مفاتيح آلات التصوير لتولّد المزيد والمزيد من الصور.

ولم تكن نشأة السينما وظهور انتاجها الفعلي في العام 1895 على يد الاخوة لومير في فرنسا، إلا تأكيداً لمقولة ان الأدب يتمظهر عبر الصورة هذه المرة ويقدّم دلالاته. فالرواية والقصة والشعر وبموازاتهم جميعاً ـ المسرح، قد ألهموا البشرية ابداعاً لا ينقطع من خلال صدق التعبير عن تحولات الحياة وارهاصات الذات الإنسانية. ولذا وجدت (الصورة) في ذلك الإرث الإنساني الهائل رافداً لا ينقطع لتحولات الأفكار من (الكلمة) الى (الصورة). انه تعميق لاشكالية راسخة من اشكاليات (التلقي) تلك التي عنيت بها المدرسة الحديثة في علوم السرد خاصة.. بين ان يجري التعبير بالكلمة والمروي، وبين التعبير بالصورة.. بالشريط حيث يكون المروي محمولاً بمكوناته ومدخلاته. من هنا وجدنا ان هنالك تواصلاً عميقاً في طرائق التعبير، بين الكلمة والتخيل من جهة، وبين التجسيد والتعبير المباشر الذي يحرك الحواس (السمع والبصر) مباشرة، موظفاً (الحركة) لتعميق التعبير.







ان هذه الاشكالية تحيلنا الى توظيف أدوات التعبير ، وتداخلاتها، فإذا كان كاتب النصّ يجد نصّه وقد تحول الى الشاشة عبر آلاف الصور، فانه ازاء مد غزير من الوسائل و الأدوات التي تقدم الصورة، فالصورة ليست حالة مجردة مرئية فحسب، بل هي كما نعرف مد مركب من (الشيفرات) الداخلية ليس أقلها أهمية اللون والعمق والإضاءة والتكوين، انه هنا تتويج لما قطعته البشرية عبر تاريخها في ميدان الفن البصري، فما تتيحه (الآلة). آلة التصوير من خيارات لا تنتهي تجعل من معطيات التعبير عن (الإبداع الأدبي) أُفقاً لا تحده حدود من خلال ما يتيحه من قدرات عبقرية للتجسيد.











II











إن الصورة صارت تشكّل مفاهيمنا ، وكما يذهب (دافيد كوك) أحد أهم المنظّرين للصورة السمعبصرية، في قوله: "ان القليلين هم الذين تعلموا كيف يفهمون الطريقة التي تمارس بها هذه الصور تأثيرها، انها تخلق العديد من الرسائل التي لا تريد أن تنتهي، والتي تحيط بنا من كل جانب، وبتشبيه هذه الحالة فاننا، مع اللغة المكتوبة والمنطوقة، يمكن أن نعد أنفسنا أميين فنحن نستطيع أن نستوعب أشكال اللغة دون أن نفهمها حقاً فهماً كاملاً وشاملاً.



بحسب جاكوبسن ، فاننا ازاء بنية النص وما تنطوي عليه من علاقة بين الرسالة التي لها نسقها المرتبط بالنص وشفراته الخاصة، تلك التي تتمظهر في الكلام المروي أو الرسائل التي تنقل داخل النص نفسه. يضاف لذلك إدراكنا لبنى مزدوجة تنطلق من قاعدة معرفية تفسر الرسالة عبر تفسير الشيفرة. ونجد ان هذه المعطيات الداخلية للنص تعززها وجهة نظر توماشفسكي، مثلاً في تحديده للمتن الحكائي للنص، بوصفه عرضاً لمجموع الأحداث المتصلة فيما بينها، والتي تكون المادة الأولية للحكاية، وبموازاة ذلك يبرز المبنى الحكائي، بوصفه نظاماً خاصاً بالنص لطريقة ظهور الأحداث في المروي ذاته.



وسننطلق من الحدث تلك البؤرة التي تتجمع من حولها اتجاهات النص فتتكشف أفعال الشخصيات ودوافعها والحيز الزماني والمكاني الذي يؤطر ذلك الحدث.







III











إن هذه المعطيات : الشخصية / الحدث / الزمان / المكان ، ظلت تحرك الإطار التجريبي للنصوص زمناً طويلاً، ويشير تاريخ الرواية بشكل خاص، الى تلك التحولات العملاقة التي شهدها الفكر الإنساني الذي تجسد في الرواية كمدار كامل للحياة البشرية، حيث سُـجّلت عبرها سيرة الإنسان بعمق وتنوع ملفت.







وإذا كان الشكل الكلاسيكي للرواية قد أعطى الدرس الأول في المكونات الرباعية آنفة الذكر، فانه قدم أرضية واسعة (للحبكة) التي تتحرك بموجبها الأحداث. ولذا وجدت الدراسات السردية فيما بعد مدىً مكتملاً يتيح التعرف على الآليات التي تتحرك بموجبها الأحداث والدوافع الظاهرة والكامنة التي تحث الشخصيات كي تفعل شيئاً أو تقول شيئاً.







ومن هنا وجدت ان الإبداع الأدبي ـ الروائي ـ خاصة قد يؤثر في خصائص لم تكن جميعها في خدمة (الصورة)، بل ان هنالك هامشاً من التجربة قد وجدت الصورة نفسها ازاءه أمام أسئلة كثيرة وعديدة. ولم تكن تجربة المخرج الروسي الرائد (ايزنشتاين) في محاولته غير الموفقة لنقل رواية (يوليسيس) لجيمس جويس إلا صورة من صور هذه العلاقة الاشكالية، بمعنى ان التطور البنائي للرواية لم يكن يعني تطابق ذلك التطور مع احتياجات السينما من النص. ولتقريب الصورة نجد ان المنظّر الكبير (ادوين موير) يستقرئ النص الروائي من وجهة نظر أخرى تحاكي (الحاجة) الحقيقية للصورة المرئية.























































































































































































































































































































































































Blog Archive

انتقلنا الى الموقع الجديد لورشة سينما

انتقلنا الى الموقع الجديد لورشة سينما

عمدة مدينة بروكسل فريدي ثيلمانس في حفل تكريم طاهر علوان

عمدة مدينة بروكسل فريدي ثيلمانس في حفل تكريم طاهر علوان

قريبا ...قراءتان في كتابي عبقرية الصورة والمكان

قريبا ...قراءتان في كتابي عبقرية الصورة والمكان

اربعة قراءات في كتاب الخطاب السينمائي

اربعة قراءات في كتاب الخطاب السينمائي

Recent Posts

Unordered List

Definition List

مرحبا بكم في " ابعاد " مدونة د.طاهر علوان العدد 62 السنة الرابعة 2010 ..في هذا العدد :فيلم انجريد للمخرج الأسباني ادوارد كورتيس ،فيلم افاتار نقلة هائلة على صعيد الصورة الثلاثية الأبعاد والمزيج الخلاق بين الواقع و المقابل الأفتراضي ..الحب في زمن الكوليرا" بين الرواية والفيلم جدل التاريخ والمكان والبحث في البناء الجمالي ..دفاتر .. الناقد السينمائي في وظيفة شارح الصورة..فيلم "الرحلة الأخيرة " للمخرج كريم دريدي:بقايا استعمارية والصحراء ملاذ اخير..المشاعر والقلوب المحطمة في تجربة المخرج الأسباني المودافار.. فيلم لااحد يعلم عن القطط الفارسية .. ..كما ادعوكم لزيارة "ورشة سينما " مجلة سينمائية مستقلة على الأنترنيت شكرا لكم على الزيارة .....قريبا قراءة نقدية لفيلم "خزانة الألم" الفائز بأهم جوائز الأوسكار ...نأمل عدم اعادة نشر المقالات المنشورة في هذه المدونة في اية وسيلة نشر من دون الحصول على موافقة صاحب المدونة شخصيا لأن ذلك يعد مخالفة قانونية لحقوق الملكية ..وشكرا
Powered by Blogger.

Followers

Video Post